المدائح النبویة فی عصر الحروب الصلیبیة
الملخص
آل الشرق الأسلامی فی نهایة القرن الخامس الهجرة إلى فئات مبعثرة ، لابجمع بینها اتحاد ، ولا یضمها سلطان قوی . ففی کل ولایة أمیر یناوی جاره ، ویکید له، ویتربص به الدوائر ، لیشن الغارات على ولایته ، ویؤوب من عنده بالغنائم والأسلاب ویدع له الأشلاء والماء والنیران والدمار ، انصیاعا لهرى الأطماع ، ودواعی المآرب والغایات . على حین کان الغرب بضم الیه أدانیه وأقاصیه ، ویلم شعبه ، ویرتق فتنه ، ویرأب صدعه ، ویتهأ للانقاض على الشرق المتداعی ، طمعا فی خیراته ووافر ثرواته، لا کما زعم ابناؤه - لتخلیص قبر السید المسیح - علیه السلام - من أیدی المسلمین فلما استجمعوا قواتهم وخفت رایاتهم ، وتعالت بالحقد الأعمى أصواتهم ، اندفعوا موجات متتابعة ، وفی فترات متقاربة ، مدة قرنین من الزمان ، ابتداء من سنة 482 للهجرة ، فأهلکوا الحرث والنسل والضرع، واشاعوا الدمار فی القرى والا قطار ، حتى قدر المؤرخون عدد الذین قتلوا فی مذبحة أنطاکیة بعشرة الاف نفس ، وفی معرة النعمان بمائة الف ، وفی بیت المقدس بسبعین ألفا . رقال ریموند دی اکلیس الذی شاهد المذبحة الأخیرة " إن الدماء قد وصلت فی رواق المسجد إلى الرکب " ، فما لم یشاهده قد یربو على التقدیر ، ویفرق النعت والتعبیر .