الإعجاز البلاغی فی القصة القرآنیة قصة قارون مثالاً
الملخص
ورد ذکر قارون فی القرآن الکریم فی ثلاثة مواضع ، موضعین على سبیل الإجمال والإدماج فی قصة موسى مع فرعون وهامان وذلک فی سورتی العنکبوت وغافر ، وموضع على سبیل التفصیل ، إذ عرضت بشکل مستقل ختمت بها سورة القصص وهو موضوع البحث . ولما کانت سورة القصص قد عرضت قصة موسىعرضاً مفصلاً لتسلیة النبی ، ولانتفاع المؤمنین وتثبیتهم على مقارعة المشرکین ، ولیعتبر المشرکون ببیان مصیر الظلم والتکبر والاستعلاء على قبول الحق ، وطریق الهدایة ، بما ضربه الله تعالى لهم من المثل بقصة الطغیان بالحکم والسلطان ممثلة بقصة فرعون ، وبما آل إلیه من البوار بالإغراق بسبب البغی والظلم ، أردفت ذلک فی نهایتها بقصة الاستعلاء والطغیان بالثروة والمال ، ممثلة بقصة قارون ، وکیف یؤول إلى البوار بسبب البغی والبطر والاستکبار على الخلق وجحود الخالق ، لتقریر حقیقة القیم ، بترخیص قیمة المال والزینة إلى جانب قیمة الإیمان والصلاح .وهذا التناسق المعنوی بیان افتتاح سورة القصص بقصة موسى، وبین اختتامها بقصة قارون تناسق ملحوظ – ولاسیما ان قارون هو من قوم موسى - یهدف إلى تحقیق أهداف السورة ومقاصدها العلیا ، بسد ذرائع الهوى ودواخله من جهتی نوازع النفس إلى طلب التکبر والإفساد فی الأرض سواء کان بالحکم والجاه والسلطان ، أو بالمال ، وأن کل ما یندرج دونهما من المفاسد داخل تحت هذین السبیلین المؤدیین إلى الهلاک فی الدنیا والعذاب فی الآخرة ، فمن أراد سعادة الدارین علیه أن یحذر هذین المسلکین ، وأنهما مما یقتضی التحری عن مصیر مقترفهما ؛ لذلک استهلت القصتان بأسلوب واحد وهو أسلوب الخبر المؤکد بإنزال المخاطبین منزلة المنکرین على خلاف مقتضى الظاهر ، وذلک للاهتمام بمضمون القصتین وإلفات المخاطبین إلى خطورتهما ، وضرورة الاطلاع على تفاصیلهما لتوقی هذین المسلکین .