یتناول البحث سیرة ملک من ملوک بلاد الشام خلال الحقبة الأَیوبیَّة وتحدیدًا بین سنتی (575- 617هـ) (1179- 1220م)، وهو الملک المنصور محمد بن تقی الدین عمر ملک حماة الذی سطر خلال هذه الحقبة مواقف وبطولات تستدعی الوقوف علیها والبحث فیها، ولاسیَّما بعد تولیه ملک مدینة حماة بعد وفاة والده سنة (587هـ/ 1191م)، وکانت له صولات وجولات فی التصدی للحملات الصلیبیة فی عهده؛ إِذ قصدت الجیوش الصلیبیة بلاده أَکثر من مرة، استطاع خلالها التصدی لتلک الهجمات وتکبید الصلیبین خسائر فادحة حتى أَیقنوا قوة جبهة حماة وصعوبة التعرض لها، وکانت أَولى تلک الهجمات سنة (599هـ/ 1203م)؛ إِذ توجهت قوة کبیرة من أَقوى الفرق الصلیبیة المعروفة (بالاسبتاریة، Hospitalian) نحو مدینة بارین البوابة الجنوبیة لمدینة حماة، وحاولوا أَن ینفذوا من خلالها إِلى مدینة حماة لکن الملک المنصور استطاع التصدی لتلک الهجمة وکبدهم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات فضلاً عن من أُسر من القوة المهاجمة، ثم تکرر الهجوم فی السنة نفسها فی محاولة یائسة لأَخذ الثأر عن الهزیمة السابقة لکن فی هذه المرة کانت وطأة الهزیمة أَکبر وأَشد من سابقتها، وخسائرهم أَکبر الأَمر الذی اضطر الصلیبیون اللجوء إِلى الأسالیب الدبلوماسیة مظهرین رغبتهم فی الصلح الذی تم فعلاً وبعد انقضاء مدة الصلح سنة (601هـ/  1205م)، استغل الصلیبیون عدم استعداد جیش حماة، وهاجموا مدینة حماة بصورة مباغتة أدت إِلى خسائر فی صفوف أَهل حماة ووقوع أَسرى منهم بأیدی الصلیبین لکن عزم الملک المنصور، أَنقذ الموقف مرة أُخرى بثباته وتصدیه للقوة المهاجمة حسب وصف المؤرخین، وبعد تلک الهزیمة استطاع الملک المنصور التقلیل من وطأة الهزیمة باسترجاع الأَسرى من الصلیبین بالطرائق الدبلوماسیة.