مکانة العرب ونفوذهم فی العصر العباسی 132-232 هـ
الملخص
تعتبر قریش أعز القبائل العربیة فی الجاهلیة والإسلام ، لها ألجاه والثروة والریاسة والسیادة الدینیة ، وقد ظلت کذلک طوال عهد الراشدین لا ینازعها فی ذلک منازع . وحین جاء الأمویون اتبعوا سیاسة عربیة فی غالب أمورهم، لأنهم خشوا على العنصر العربی من الضیاع والإندماج مع العناصر الأجنبیة ، خاصة عندما أخذ عدد الداخلین فی الإسلام من الأعاجم فی الإزدیاد بسبب کثرة الفتوحات وتوسیع رقعة الدولة فاعتمدوا على العرب دون غیرهم، فحصروا فیهم الوظائف الإداریة والعسکریة ، و نقلوا الدواوین من الفارسیة والرومیة والقبطیة إلى العربیة ، وضربوا السکة والنقود وکتبوا علیها اللغة العربیة . علاوة على ذلک کان فیهم بیت الخلافة وأشراف الفاتحین وکبار العمال والولاة .
ویبدو أن شعور العرب بالتفوق والتعصب تجاه العناصر الأخرى فی العصر الأموی لم یکن قاصرة على رجال الحکم و مظاهره ، بل امتد إلى العرب أنفسهم حتى قبل إن بعضهم کان إذا مرت جنازة عربی صاح (واقوماه) وإذا مرت به جنازة غیر عربی قال (مال الله یأخذ مایشاء ویدع ما یشاء). وهکذا ظل للعرب المکان الأول فی الدولة الأمویة حتى سقوطها .
وما أن جاء العصر العباسی الأول الذی شهد نموا ملموسا فی نفوذ الفرس المساعدتهم بنی العباس فی الوصول إلى مرکز الخلافة ، حتى بادر هؤلاء بمکافأتهم بتولی وممارسة تقالیدهم ونظمهم الإداریة کالوزارة مثلا ، وهذا مادعا السیوطی إلى القول بأنهم قدموهم على العرب حتى زالت رئاسة العرب وقیادتها .