مما لا شک فیه أنَّ قواعد اللغة العربیة فی أول أمرها لم تکن صعبة الجریان على ألسنة المتکلمین بها من جهة الالتزام بإظهار الحرکات الإعرابیة الدقیقة من ضم وفتح وکسر وسکون على أواخر الکلم، فالفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والفعل المسبوق بجازم مجزوم، والاسم المسبوق بجار مجرور، أی کانت تجری على ألسنتهم (سلیقة)،وإن کانت ثمة خلافات لهجیة أحیانا بین القبائل العربیة فی عدد من الأمور، ولکن بعد ظهور الإسلام وامتداده إلى خارج جزیرة العرب ودخول أقوام غیر عربیة اللسان (أعجمیة) فی الإسلام فشا اللحن، وفشوه یعنی بالضرورة الإخلال فی نطق الألفاظ القرآنیة والإخلال فی فهم النص القرآنی، فرب حرکة إعرابیة أو غیر إعرابیة (بنائیة) تغیر معنى آیة بکاملها وکمالها، لذلک کان هذا المنطلق الأساسی لوضع اللبنات الأولى للنحو العربی،ومن ثم ظهرت مؤلفات جلیلة فی هذا العلم أکبرها کتاب: (الکتاب) لإمام النحویین سیبویه (ت 180 هـ) وعدَّ کتابه هذا (قرآن النحو)، وظهر بعد ذلک کتاب: (المقتضب) لأبی العباس المبرد (ت 280 هـ)، و: (الأصول فی النحو) لابن السراج (ت 316هـ)، وکانت هذه المطولات عملاقة فذة، ولصعوبتها ظهرت دعوات لتیسیر النحو العربی و تسهیله.